الإرهاب أنواع وأشكال وألوان، أرسل لى د. كميل صديق من الإسكندرية رسالة يصف فيها إرهاباً من نوع جديد يسميه «إرهاب المقاولات» يقول فيها: قد تبدو الكلمات التى يحملها العنوان غريبة إلى حد بعيد.. ولكن مع غرابتها فهى تشكّل واقعاً أليماً يعانى منه الوطن، وما زال. وإذا كان إرهاب الكرسى قد تم اقتلاعه بإزاحة مَن كان يشغله اغتصاباً وسطواً رغم فداحة الثمن الذى يدفعه الوطن بشراً واقتصاداً واستقراراً فإنه فى النهاية ومع انتفاضة شعبية تمكّن حفيد أحمس من طرد الهكسوس الجدد. ومع ازدياد حوادث الطرق وضحاياها، والتى يمكن من خلالها دخول موسوعة جينس للأرقام القياسية وآخرها حادث البحيرة الحزين، خرجت وسائل الإعلام وقيادات المرور بالحديث عن الإرهاب الأفقى المتحرك على الطرق حاصداً أرواحاً بريئة، واكتشف المجتمع أن الإرهاب ليس فقط على كرسى حكم ولكن أيضاً على كرسى القيادة.. وفوجئنا بالأغلبية الساحقة من سائقى عربات الموت يتعاطون مواد مخدرة بكافة أنواعها. والآن نأتى إلى الكارثة: أخطر وأحط أنواع الإرهاب والتى ابتُلى بها المجتمع وإن كانت تختلف عما سبق من أنواع الإرهاب، إلا أنها كالسرطان الذى يزحف ببطء على جسد المجتمع ويصبح من المستحيل التخلص منه، وأعنى بذلك إرهاب المقاولات. ويبدو أن الداعشية أضحت ثقافة تشمل كل مناحى الحياة.. ابتكر البعض من هؤلاء الذين بلا ضمائر أصلاً أسلوباً آخر للذبح الجماعى من خلال ناطحات سحاب كرتونية. والغريب فى الأمر أن هذا النوع من الإرهاب يمارَس، وبكل وقاحة، أمام أعين المجتمع وليس فى الخفاء، وفى وضح النهار متحدياً القانون دون خوف من عقاب، حتى بات البعض منا يتصور أن القانون فى هذه الجزئية قد عرف هو الآخر طريق «الترامادول»!! نحن أيها السادة أمام هجمة تتارية شرسة من بعض الدخلاء، المقاولين الجدد، على هوية الدولة المعمارية ويتم الآن طمس معالمها، وأصابهم سعار لا حدود له لجمع أكبر قدر من الغنيمة قبل أن يفيق المجتمع من غيبوبته التى طالت، وأمامهم دولة غير جادة فى مواجهة جريمتهم (وتحدثت وسائل الإعلام عن حوت القليوبية الذى أقام 55 عقاراً)!! مبان أثرية عريقة كانت من المعالم التى تتميز بها مياديننا وشوارعنا، بل وعقارات حديثة البناء من عدة عقود قليلة يتم شراؤها تحت إغراء المال وهدمها فى أيام قليلة والبدء فوراً فى بناء مسخ عشوائى فى عدة أسابيع دون مراعاة لأى مقاييس سواء مواد البناء أو المدة الزمنية المتعارف عليها. فقط كل همهم الوصول بالمبنى لأقصى ارتفاع. يتم ذلك فى شوارع ضيقةه تمر بها العربات بصعوبة بالغة، وبعد أن كان ما يسمى بالبدروم BAD ROOM أسفل العقار سيئ الإضاءة والتهوية، وجدنا الآن البدروم يصل إلى الدور الرابع فى بعض تلك العمارات. إننا الآن أمام قنابل موقوتة تسمى مجازاً عمارات فى انتظار سقوط بعضها حاصدة أرواحاً بريئة. ووقتها فقط نستيقظ من تلك الغيبوبة فى بحث وهمى عن المتسبب. دعونا نقولها صريحة أيها السادة، إن الدولة أبدت عجزاً كاملاً ولأسباب غير معلومة فى مواجهة إرهاب العقارات.